استئصال للمرارة

عام 1882 أجرى عالم الجراحة الألماني (كارل لينغينبك) أول عملية استئصال للمرارة، وبعد نحو مئة عام في 1985 أجرى مواطنه الجراح (كارل موه) أول عملية استئصال للمرارة بالمنظار، لتصبح بعدها عملية استئصال المرارة من أكثر العمليات الجراحية شيوعا، وبنسبة متدنية من الخطورة والقليل من الآلم. تقدر نسبة الذين كونوا أو سيكونون حصوات في المرارة بين 10 و15 بين كل مئة شخص، وتختلف هذه النسبة بحسب وجود بعض العوامل من عدمه، حيث تزداد النسبة عند الإناث وذوي الأوزان المرتفعة والبالغين، أما من سبق لهم الخضوع لعملية جراحية لإنقاص الوزن فيزداد احتمال تكون الحصوات لديهم إلى 30%. إن وجود حصاة في المرارة بحد ذاته قد لا يستدعي تدخلا علاجيا، إذ إن ربع من يحملون حصوات فقط معرضون على المدى الطويل إلى حدوث أعراض أو مضاعفات نتيجة وجود الحصوات، إلا أن بعض الخصائص أو العوامل تجعل من الأفضل إزالة المرارة حتى دون وجود أعراض، كحجم الحصاة أو تكلس جدار المرارة أو وجود تاريخ مرضي معين، كأمراض الدم أو وجود المريض في منطقة يصعب الوصول فيها إلى خدمات صحية، وغيرها من العوامل التي يقررها الجراح. وفي حال إجراء عمليات جراحية أخرى قد يقرر الجراح إزالة المرا

الفتق الإربي

من اكثر المشاكل الجراحية شيوعاً في العالم و من أكثر دواعي التنويم في أقسام الجراحة فتوق جدار البطن بمختلف أنواعها و اللتي تحدث عندما تخرج او تبرز بعض الأنسجة أو الأعضاء من مكانها الطبيعي في البطن الى الخارج من خلال ضعف او ثغرة في جدار البطن.
و في الولايات المتحدة وحدها يُجرى سنوياً مليون عملية جراحية لإصلاح فتوقات جدار البطن و ثمانون في المئة منها عمليات إصلاح فتوق اربية، فما هي الفتوق الإربية ؟
المنطقة الإربية هي من إلتقاء أسفل البطن بأعلى الفخذ علي جانبي العانة، و هي تمتاز بتركيب داخلي معين يحتوي على نقاط ضعف قد تكون مكان لتكون الفتوقات، هذه النقاط هي القناة الإربية أسفل البطن التي يمر من خلالها الحبل المنوي عند الرجال أو أحد أربطة الرحم عند النساء. منطقة الضعف الأخرى هي القناة الفخذية اعلى الفخذ بمحاذاة الوريد و الشريان الفخذيين.
إن الفتق الأربي منتشر لدرجة ان اكثر من ربع الذكور في العالم تقريباً سوف يكونون هذا النوع من الفتق في حياتهم في مرحلة ما بينما تنزل هذه النسبة عند الإناث الى عشر مثيلتها عند الذكور.
قد يتكون الفتق الإربي مبكراً جداً عند الولادة او في سن مبكرة نتيجة عيب خلقي و قد يتكون في مراحل متقدمة من العمر نتيجة تراكم الضغوط على جدار البطن و ضعف العضلات.
من العوامل اللتي قد تزيد من احتمال تكون الفتوق زيادة الضغط داخل تجويف البطن و هذه لها أسباب عدة كالكحة المزمنة و الإمساك المزمن و صعوبة و إنحباس البول نتيجة تضخم البروستاتا و الحمل. ان هذه العوامل لا تزيد من احتمال الإصابة بالفتق فقط بل أيضاً تزيد من إحتمال فشل عمليات اصلاحه، و لذلك فمن الضروري علاج هذه المشاكل ما أمكن قبل الشروع في إجراء عملية لإصلاح الفتق.
العلاج الوحيد المتاح للفتق هو الإصلاح الجراحي، و لكن قد يرى الجراح انه من المناسب تأجيل العملية و متابعتها اذا كان الفتق صغير جدا و لا يسبب اي أعراض، او اذا كان المريض بحاجة الى مزيد من التحضير لكن تبقى الجراحة هي الحل النهائي و الوحيد. إن عدم إصلاح الفتق في الوقت المناسب و بطريقة اختيارية قد يؤدي الى كبر حجم الفتق مع الوقت مما يجعل علاجه اصعب تقنياً او يؤدي الى حدوث مضاعفات مثل إنحباس وإنعزاق الفتق و هذا يتطلب عملية طارئة في ظروف قد لا تكون مثالية لإصلاح الفتق مما يرفع نسبة المضاعفات سبعة أضعاف حسب الدراسات العلمية.
يمكن إصلاح الفتق بالطرق الجراحية التقليدية او بالجراحة المنظارية، اما الفرق بينهما و مميزات كل منهما فهو موضوع مقالنا القادم.

إصلاح الفتق الإربي

بدايةً كنا قد أشرنا في المقال السابق الى ان هذا النوع من الفتوق شائع جداً و ان من كل مئة شخص يوجد إنسان او اثنان يعانون من وجود فتق إربي و ان كان ثلثهم لا يشكون من اي أعراض الى الأن . و لكن بما الغالبية العظمى ممن لديهم فتق أربي تعاني من أعراض كالألم و الثقل و صعوبة القيام ببعض الأنشطة او من مجرد المنظر غير المقبول و بما ان غالبية من لا يعانون من أعراض الفتق الأن سوف تظهر عليها الأعراض مستقبلاً فان علاج الفتق ضرورة و إهماله إنما يطيل من أمد المعاناة و يزيد من احتمال حدوث المضاعفات كانحباس الفتق و الحاجة الى عملية طارئة قد تشمل إستئصال لجزء من الأمعاء لعلاجه.
و علاج الفتق لا يكون الا بالجراحة و ليس هناك خيارات أخرى كالأدوية أو العلاج الطبيعي او غيرها و لكن قد يرى الطبيب ان يؤجل العملية او يواصل المتابعة و المراقبة اذا كان الفتق صغيرا جداً و لا يسبب اي أعراض او ان الوقت غير مناسب لإجراء جراحة
فكيف تتم جراحة الفتق و ما هي أنواعها:
ان جراحة الفتق الإربي من أكثر العمليات شيوعاً في العالم و يكفي ان نعلم انه سنويا يجري الأطباء حوالي عشرين مليون عملية فتق في العالم.
كانت و لا زالت عمليات إصلاح الفتق الإربي تتم بالجراحة التقليدية عن طريق احداث شق جراحي في المنطقة الإربية أسفل البطن يتم من خلالة إصلاح الفتق عن طريق إرجاع محتوياته الى مكانها الصحيح و تقوية جدار البطن إما باستعمال الخيوط او وضع شبكة (رقعة) صناعية ام في حالة الأطفال الصغار فلاحاجة لاصلاح جدار البطن و لا تستخدم الرقع لان الفتق خلقي و استئصال كيس الفتق عادة هو كل ما يلزم للعلاج.
في العام ١٩٧٩ تمت اول عملية إصلاح للفتق بالمنظار و تطورت كثيراً من بعد ذلك الى يومنا هذا. و الجراحة المنظارية تشمل احداث عادة ثلاث شقوق صغيرة في أسفل البطن يتم من خلالها ادخال المنظار و الأدوات اللازمة لإصلاح الفتق و وضع شبكة لترميم جدار البطن و تثبيتها عليه.
من المهم ان نعرف ان الممارسة الحديثة توصي بوضع شبكة عند إصلاح الفتق الإربي بالطريقة التقليدية ما لم يكن هناك ما يمنع ذلك اما في حالة الجراحة المنظارية فالشبكة جزء أساسي من العملية و لا يمكن عملها بدونها.
في حالة الفتوق البسيطة في جهة واحدة من البطن فلا يمكن القول ان احدى الطريقتين أفضل من الأخرى و لكل منهما حسناته . فالجراحة التقليدية أرخص، و لا تتطلب مهارات معينة من الجراح و يمكن عملها تحت تخدير موضعي او جزئي و هو أمر قد يُحتاج آلية في بعض الأحيان. كما انها الخيار الوحيد في علاج الفتوقات الضخمة و في حالة وجود مانع لاستخدام الرقعة الصناعية و في حالة صعوبة او استحالة الوصول عن طريق البطن بالمنظار. و عند اجراء عملية إصلاح بعد فشل عملية سابقة بالمنظار فالأفضل ان تتم هذه المرة عن طريق الجراحة التقليدية
و في المقابل فالجراحة المنظارية في العادة تسبب الم اقل و هي أفضل جمالياً و هي الطريقة الموصى بها في حالة وجود فتقين في جانبي البطن و في حالة اجراء العملية للمرة الثانية بعد فشل او ارتجاع بعد عملية سابقة بالطريقة التقليدية.

اصلاح الفتق و جراحة السمنة 

مشكلة واحدة لا تكفي …مشكلتان كثير
هل يمكن ضرب عصفورين بحجر

مع التطور الهائل في الطب في العصر الحديث و التحسن الكبير في مستوى الحياة، لجزء من البشر على الأقل، اصبح الإنسان يبلغ أعماراً أطول مما بلغ اسلافه. مراكماً المزيد من الأمراض المزمنة و خاضعاً بذلك في المتوسط لعدد أكبر من العمليات الجراحية مقارنة بما لما كان الحال مع ابيه و جده.
هذا كله جعل الجراحين يواجهون نوعية أشد تعقيداً من الفتوق و بأعداد أكبر خصوصاً ان عشر العمليات الجراحية التقليدية تقريباً تنتهي بفتق صغير أو كبير و الأرقام تصبح أكبر مع تكرار العمليات.
و من جهة أخرى و نتيجة التطور الحاصل في حياة الناس و تغير عاداتهم و أنماط غذائهم اصبح الناس اكثر سمنة و أصبحت السمنة اقرب ما تكون الى الوباء الذي هو في مد و انتشار و بوتيرة سريعة و بدون اي بوادر على انحساره في القريب المنظور، حتى أصبح إثنين من كل ثلاثة أشخاص في بلد كالسعودية يعانون من زيادة في الوزن أحدهما يعاني من السمنة .
إذا أخذنا الحقيقتين السابقتين في الإعتبار فمن الطبيعي ان يكون هناك عدد كبير من المرضى الذين يعانون من السمنة و لديهم فتق او أكثر بحاجة الى إصلاح، و هؤلاء كشريحة هم موضوع مقالنا اليوم.
فما هي المشكلة في حدوث الفتق مع السمنة المفرطة، و هل هذا يغير طريقة العلاج ؟. الإجابة نعم
ان ذوي الأوزان العالية في الأساس معرضون اكثر من غيرهم لتكوين فتوقات جدار البطن سواء نجمت نتيجة جراحة او بدون، و كذلك فقد ثبت في العديد من الدراسات العلمية ان لديهم احتمالية أكبر لفشل عمليات إصلاح الفتق و رجوعه. هذا غير أن عملية الفتق تصبح قد تقنياً مستحيلة.
لذلك يصبح من الضروري انقاص الوزن بشكل حقيقي قبل الشروع في علاج الفتاق. و بما ان الشريحة الأكبر من الناس حسب الدراسات العملية تخفق في الخروج من دائرة السمنة بالطرق التقليدية و تحتاج الى مساعدة إضافية فإن الكثير منهم يلجؤون الى جراحة السمنة كحل سريع و فعال و مضمون، وهنا يبرز السؤال المهم و المتكرر، هل نستطيع عمل العمليتين في نفس الوقت ام الأفضل ان نبدأ بعملية السمنة، و ماذا لو كان المريض يعاني من أعراض مزعجة من وجود الفتق.
الإجابة هي انه يمكن عمل العمليتين في نفس الوقت اذا كان الفتق صغيراً و في مكان مناسب لا يضيف الكثير من التعقيد للعملية و يفضل كثير من الجراحين اللجوء الى هذا الخيار مع عمليات التكميم و ليس مع عمليات تغير المسار خصوصاً اذا كان الجراح سوف يستخدم شبكة او رقعة صناعية.
اما في حالة الفتوق الكبيرة أو المعقدة أو البعيدة و في حالة السمنة العملاقة ، فالخيارالأفضل هو عمل عملية السمنة أولاً و عدم العبث بالفتق و محتوياته، و الإنتظار الى ان تظهر نتائج عملية السمنة و ينزل وزن المريض و تصبح عملية إصلاح الفتق ممكنة.
و في الحالات اللتي تتطلب إصلاح سريع للفتق قد يختار ألجراح اجراء العملية على عدة مراحل. المرحلة الأولى إصلاح مؤقت لمشكلة الفتاق ثم عمل عملية لإنقاص الوزن و أخيراً العودة بعد نزول الوزن و إجراء العملية النهائية لإصلاح الفتق.