الجوع و الشبع

الجوع هو الشعور بالحاجة الى الأكل و هو غريزة أساسية اما الشبع فهو فقط غياب الجوع. و بالرغم من ان الامر يبدو بديهياً فانه ينطوي على آليات معقدة و عوامل متداخلة جهد العلماء و لا يزالون في فهمها و يكفي ان نعلم ان كبرى شركات الدواء في جهد مستمر لفك شفرة الجوع و الشبع لتصل بذلك الى الدواء السحري الذي سيقضي على السمنة و يفتح لهم أبواب كنوز الأرض ، جهد لا يماثله الا جهاد الخيميائين الأولين لتحويل المعدن الرخيصة الى ذهب او لإكتشاف أكسير الحياة.
يعتقد العلماء ان المسبب الرئيس للجوع عند الإنسان كان الحاجة لتوفير الطاقة التي تمكنه من البقاء حياً و قادراً على القيام بوظائفه. و كان الحصول على مايكفي من الطاقة يلغي الحاجة الى المزيد من الأكل. و مع التطور الذي حدث في حياة البشر و المجتمعات تغيرت الية تنظيم الاكل. ففي المجتمعات الغنية التي يوجد بها فائض من الأغذية عالية الطاقة قليلة الثمن فإن تنظيم الجوع و الشبع اصبح يخضع أيضاً لعوامل حسية كالشم و النظر و اللمس اللتي تتداخل لتغذية الشعور بالشهية و لم يعد الأكل
مرتبط بالجوع و الشبع و هذا ما يعرف (بالجوع التلذذي)
و اصبح الخلط بين الجوع و الشهية و النهم و بين الشبع و الامتلاء و التخمة ليس خلطاً لغوياً فقط بل خلطاً في الطباع و العادات ادى الى ما نحن فيه من انتشار السمنة و ما تسببه من أمراض و اصبح الإنسان يأكل بقدر ما يستطيع لا بقدر ما يحتاج
يخضع تنظيم الجوع و الشبع في الإنسان لعدة آليات و تتحكم به عدة اجهزه تعمل في تناغم لسد احتياج الانسان من الطاقة و بعض العناصر و لتوفير مخزون للأوقات الصعبة و هي خاصية ورثناها عن أسلافنا من آلاف السنين و لم نتخلص منها بعد أدت الي تخزين ما لن نستخدمه أبداً في الغالب على شكل دهون و شحوم.
يقع مركز التحكم في الجوع و الشبع في جزء من المخ يسمى الوطاء او تحت المهاد ( هايبوثالامس) و هو بدوره يخصع لمؤثرات هرمونية و عصبية و نفسية. و من اهم الهرمونات المنظمة هرمون الجريلين و الذي يفرز من المعدة و بسبب الجوع و هرمون اللبتين و الذي يفرز من الأنسجة الدهنية و يولد الشبع. كما ان التغير في مستوي السكر و الدهون في الدم يؤثر في افرازات هرمونات كالانسولين و الجلوكاجون مما ينظم الحاجة الى تناول الطعام .
كما ان وجود الطعام في القناة الهضمية يتحكم في الحاجة الى الاكل من احداث الام الجوع الى الشعور بالامتلاء فعندما تمتلئ المعدة ترسل إشارات الى الدماغ. يقدر العلماء ان هذه العملية ليست فورية بل تستغرق حوالي عشرين
دقيقة . هذا يعني ان الانسان لا يمكنه لانتظار الى ان يشعر باللامتلاء،بل يجب ان يقدر ما يكفيه من الطعام للشبع بالخبرة قبل الشعور بالتخمة.
و من خلال هذه المؤثرات الوظيفية تعمل المؤثرات النفسية و التي قد تختل مسببة اضطرابات الأكل النفسية و هذه مبحث اخر نعود اليه في مقال أخر.

الوسوم : لا وسوم

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

5 × 1 =